كثيرا ما نسمع عن المريخ و استعمار المريخ وفرضيات النجاة على المريخ ولكن هل تسائلت يوما لماذا كوكب المريخ دونا عن جميع الكواكب التي نعرفها؟ رغم أن هناك كواكب أخرى اقرب لنا من الأرض ولكن لم نسمع أي شيء عنهم في حين أننا نرى ونسمع فرضيات كثيرة عن استعمار المريخ؟ لماذا؟ وما الاسباب؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذه المقالة.
كيف نستطيع أن ننجو على المريخ
اخبار متداولة و مفهومة بشكل خاطئ
أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية ان مهمة Mars express اكتشفت كمية كبيرة من غاز الميثين على سطح المريخ و هذا الاكتشاف غير عادي ابدا لان غالبية الميثين الموجودة على سطح الأرض تنتجها كائنات حية وهذا مؤشر على أن المريخ من الممكن ان يكون عليه مخلوقات حية وإن كانت مخلوقات أولية.
وخبر عاجل ايضا ..اعلنت وكالة ناسا أن المركبة Curiosity rover اكتشفت دليل وجود مركبات عضوية معقدة موجودة على المريخ وقدر عمرها بحوالي 3.5 مليار عام .
خبر آخر أيضا ...تم إيجاد مساحة كبيرة من المياه على سطح المريخ كافية لملء بحيرة superior اكبر البحيرات العظمى في امريكا الشمالية وايضا سيتم نقل البشر للمريخ قريبا لكن ينقصنا بعض المعدات . واخيرا شاهد قبل الحذف ادلة حقيقية ومجربة لوجود الحياة على سطح كوكب المريخ .
ما ذكرناه سلفا ليس على سبيل الفكاهة او ما شابه ذلك هذه اخبار ومقالات عن مجال الفلك نقابلها بشكل شبه يومي في الصحف والمجلات وعلى منصات التواصل الاجتماعي منها الصحيح ومنها الخطأ ومنها ما يتم تجزئته من أصل السياق.
ماهي صحة الاخبار التي نسمعها دائما عن المريخ؟؟
يا ترى ما هي الحكاية ؟؟ماهية صحة الاخبار التي نسمعها دائما عن المريخ ؟؟ في الحقيقة الموضوع بسيط كل الأخبار التي نسمعها عن المريخ تقريبا صحيحة ولكن يجب علينا أن نسمع الخبر من اوله لاخره. أي أن من قال لك ان غاز الميثين تنتجه الكائنات الحية لم يقل ان غاز الميثين يمكن أن ينتج عن استخراجات البراكين بشكل طبيعي بالإضافة لعدد لا نهائي من الظروف الطبيعية الاخرى.
ومن قال لك ان هناك وجود للماء على المريخ فهو لم يقل ان هذه المياه ليست إلا جليد متصلب في القطبين .وأن المياه هناك في الغالب مالحة ومشبعة بمواد كيميائية غريبة وغير صالحة للاستخدام. أما بخصوص استعمار المريخ في المستقبل ففي الغالب لن تسمع عن الصعوبات والتحديات التي تواجه المجتمع العلمي من اجل ان يخطو خطوة مثل هذه. وبالتأكيد من أكثر الأسئلة التي تراودك عندما تشاهد اخبار الفلك ومشاريع السفر إلى الفضاء هي لماذا المريخ بالتحديد؟؟!الا يوجد غير كوكب؟؟ دائما نسمع عبارات سنذهب للمريخ، سنأتي من المريخ، سنفعل في المريخ.
لماذا كوكب المريخ بالتحديد؟؟
كوكب المريخ بالفعل شغل اكبرعقول علماء الفلك وكل من هم مهتمين بعلوم الفضاء لمئات السنين ولكي نتعرف على السبب دعونا نبدأ القصة من بدايتها…
استكشاف كوكب المريخ:
البداية الحديثة لدراسة كوكب المريخ كانت عند عالم الفلك الإيطالي Giovanni Domenico Cassini هذا الرجل الطيب في عام 1877 رصد كوكب المريخ بالتلسكوب وبدأ يرسم التضاريس التي على سطح الكوكب بشكل كروكي ولاحظ شبكة كثيفة من التضاريس الخطيئة كما موضح في الصورة. عندها راى عالم الفلك أن التضاريس شبيه بخطوط المياه فأطلق عليها اسم Canale وهي كلمة ايطالية تعني القنوات.
ماذا فعلو الانكليز حينها؟ ترجموا الكلمة بلغتهم على أنها قنوات مياه حقيقية ظنوا أن هذا الرجل وجد الماء على سطح المريخ بالفعل,واتى اناس اخرون وبدأوا يرسمون مخططات شبيهة بالأصلية وقالو انها قنوات مياه موجودة بالفعل. وفي يوم 5 مايو 1907 نشرت جريدة لوس انجلوس تايمز مقالة تقول فيها ان العلماء صرحو بأن الخطوط والشقوق الموجودة على سطح المريخ بتمثل نظام قنوات عبقري تم تصميمه عن عمد .
والنظام هذا بالتأكيد كان يساعد سكان الكوكب كي يقوموا بعملية الري وسقي الارض.وبعد ذلك بأربع سنين وبالتحديد في يوم 24 أغسطس 1911 نشرت نفس الجريدة مقالة بعنوان "سكان المريخ قاموا ببناء قنوات ضخمة في عامين فقط" و سلطوا الضوء أكثر على الاعتقاد بوجود حياة على كوكب المريخ وأن في مخلوقات استعمرته من قبل .وبالطبع هذه مجرد فرضية من قبل الباحثين في ذلك الوقت. وهذا بدوره ادى لظهور موجة ضخمة من الفرضيات والتكهنات حول وجود حياة ذكية على المريخ .وبدأ فكرة كما نحن ارضيون على الأرض فهناك مريخيين على المريخ بالانتشار.
ظهرت بعد ذلك مجموعة من الأفلام ابتداء من عام 1918 روجت استعمار المريخ ووجود سكان اصليين عاشو وترعرعوا على سطحه من قديم الزمان. وكانت الرسالة الاساسية من الافلام ان المريخ ليس فقط كان يوجد عليه حياة بل مازال قابل للاستعمار والحياة في الوقت الحالي. وكأنهم يوجهون دعوة لسكان الأرض كي يستوطنون المريخ ويعمروه .واستمرت السينما في طرح الأفلام التي تناقش نفس الفكرة.
فضلا عن أنه في هذا التوقيت لم يكن هناك صور حقيقية للمريخ اساسا كلها مجرد توقعات ومخطوطات غير مؤكدة وكانت الأفلام تبني سيناريوهات ومجريات الأحداث على الفرضيات المطروحة في الوسط العلمي والمجتمع بوجه عام. وكل هذا اصلا انبنى على مخطط القنوات التي رسمه Giovanni Domenico Cassini في عام 1977.
الطريف هنا أنه ما بين عامي 1965 وعام 1969 وكالة ناسا أرسلت مجموعة من البعثات لالتقاط صور حقيقية لكوكب المريخ وكانت المفاجأة صادمة. الصور لا يوجد فيها اي قنوات على سطح الكوكب بل انه اقرب لصحراء قاحلة و مهجورة تماما.القنوات المائية مجرد فرضيات لا يوجد دليل على صحتها. بالطبع السيناريو الفائت لم نستفد منه اطلاقا ولم نجد ماء بصورتها الطبيعية ولا ايقننا بوجود سكان على سطحه في قديم الزمان لكن الاستفادة الحقيقية اللتي حصلت من الموضوع من غير قصد ان كوكب المريخ اكتسب شهرة غير عادية سواء بالاوساط العلمية او حتى بين العوام. وهذا ما جعل العلماء يبدأون بتوجيه دراساتهم وابحاثهم ناحية المريخ.
المجتمع العلمي بدأ يهتم به دون عن غيره من الكواكب. من اجل ان نعرف اكثر عن الكوكب الأحمر الغامض.وعن إمكانية استعمار البشر مثل ما كانت الفرضيات تقول. نتائج الأبحاث هذه كانت كالتالي.
مميزات كوكب المريخ:
هناك بعض الإيجابيات تخص المريخ وهناك تشابه كبير بينه وبين الأرض في بعض الأشياء:
- حجم الكوكب مقارنة بالأرض مقبول جدا.
- المريخ تقريبا يعادل نصف حجم الأرض.
- يوجد في كوكب المريخ قطب جنوبي وقطب شمالي مثل الأرض ويواجه الشمس بطريقة شبيهة بالظروف الارضية.
- بالإضافة الى وجود عناصر لا يمكننا الاستغناء عنها موجودة هناك مثل الاكسجين والكربون والنايتروجين والهايدروجين.
اذا هل الامور سهلة ونستطيع العيش على كوكب المريخ؟؟
في الواقع هناك أشياء كثيرة لم نذكرها بعد ... المريخ بالطبع لديه مميزاته ولكن أيضا لديه مساؤه وهي أكثر قليلا من الميزات.
مساوئ كوكب المريخ:
كثافة الهواء في المريخ تعتبر حوالي 0.01 من كثافة الهواء على الأرض وهذا يعني أن الضغط هناك سيكون قليل جدا. قد يظن البعض ان هذا افضل من ان يكون الضغط قوي جدا ونموت بسببه. في الحقيقة المشكلة في انخفاض ضغط الهواء تكمن في غليان المياه. على الأرض في الظروف الطبيعية المياه تغلي عند درجة 100 مئوية و كل ما الضغط يعلو كل ما درجة الغليان تزيد فبما أن على المريخ الضغط الجوي قليل جدا مقارنة بسطح الأرض فهذا سيجعل المياه تغلي عند 10 درجات مئوية. وبما أن درجة حرارة الإنسان الطبيعية حوالي 30 درجة مئوية فاي شخص ينزل على سطح المريخ وينزع بدلة السفر سيحترق فورا نتيجة غليان الدم داخل الجسم.وهذا يعني أن مجرد التواجد على سطح المريخ يعني انه يجب علينا ان نلبس بدلة الفضاء طوال الوقت.
ولو تغلبنا على مشكلة الضغط الجوي فما زال الاوكسيجين قليل جدا وغير كافي على الاطلاق ولو تكيفنا مع موضوع الاوكسوجين ووجدنا له حلولا فلن ننجو من الصقيع .الجو على كوكب المريخ بارد لدرجة أنه يستحيل بناء اي حياة بشرية .ويبلغ متوسط درجات الحرارة على سطح المريخ 61 درجة مئوية تحت الصفر.
هل الذهاب للمريخ أمر مستحيل ؟؟
أجمع علماء الفلك حاليا ومنهم Carl Sagan و Robert Zubrin على أن أفضل طريقة للحياة على سطح المريخ هي أن نجعل بيئة الكوكب مشابهة لبيئة الأرض, يعني بدل من أن البشر يتضرروا للتكيف على ظروف كوكب المريخ ،نجعل ظروف الحياة على المريخ هي من يتغير.
ومن أجل النجاح بذلك نحتاج ان نسير على خطوات..
- الخطوة الاولى ان نصنع غلاف مغناطيسي يحمي المريخ من الاشعاعات الكهرومغناطيسية الخطيرة والتي تصيبه باستمرار من اجل ان يحصل الكوكب على خلاف جوي.ولهذا شركة ناسا تظن أنهم لو استطاعوا ان يضعوا قمر اصطناعي بين الشمس والمريخ وجعلوا يصدر مجال مغناطيسي قوي بما فيه الكفاية سيكون كفيل بسد الإشعاعات الخطيرة القادمة من الشمس ويبعدها عن المريخ .وهكذا نكون قد تمكننا من اول خطوة.
- الخطوة الثانية هي ان انشاء غلاف جوي للمريخ مثل الغلاف الموجود على الأرض عن طريق توفير نسبة كبيرة من غاز ثاني اكسيد الكربون على المريخ كي يصنع احتباس حراري كالذي تعاني منه الأرض وفي ذلك الوقت الأشعة تحت الحمراء سوف تنحبس على سطح الكوكب وسترتفع درجة الحرارة فنتغلب على الصقيع المسيطر على الجو.اذا فالسؤال هنا كيف سنتمكن من نقل غاز ثاني اكسيد الكربون للمريخ؟؟
كيف نجعل بيئة المريخ صالحة للعيش؟؟
- الاقتراح الأول أن نبني مصانع ضخمة في المريخ تصدر كميات كبيرة من ثاني اكسيد الكربون .
- الاقتراح الثاني هو ان نرسل صاروخ نووي على سطح المريخ عند منطقة القطبين .التربة هناك تحتوي على نسة مرضية من ثاني اكسيد الكربون مختبئ بالقشرة السفلية و التصادم العنيف سيولد نسبة لا بأس بها من ثاني اكسيد الكربون تغطي الكوكب كامل وتكون سبب للاحتباس الحراري وأطلق على هذا الحل اسم الحل السريع. وهكذا نكون قد حققنا خطوة اخرى.
كيف نستطيع توفير الاكسجين على المريخ؟؟
انتاج الاكسجين في البداية لن نستطيع ان نعتمد فيه على النباتات التقليدية بل هناك حل اخر.. وهو ان يتم اطلاق كميات كبيرة من البكتيريا تجتاح تربة المريخ وتمتص منها المواد الغذائية اللازمة وتنتج لنا اكسجين. وهكذا تكون انتهت نظريات العلماء في جعل كوكب المريخ مناسب لإقامة البشر على سطحه. اوكسجين ، دفاء، وحماية من الاشعة الخطرة.
في الحقيقة أحد الدكاترة في قسم العلوم البيولوجية وعلوم الأرض وغلافها الجوي جاوبت إجابة وافية على هذا السؤال وقالت:
فكرة تحويل بيئة كوكب المريخ لبيئة مشابهة للأرض هي فكرة مثالية جدا لكن في الواقع ستحتاج لفترة زمنية سيشهدها أجيال كثيرة جدا إلى أن يحصل عدة تغيرات على المريخ على حسب المتوقع.
وهذا يعني أنه علميا من الممكن فعلا أن ننجو على المريخ ولكن لا نستطيع ان نتأكد ان الاجيال الحالية ستستطيع أن تشهد شيئ كهذا.او اننا اصلا سنستطيع أن ننجح في حل العقبات التي أمامنا.